من المسؤول عن تدني المنتوج الاعلامي ببلادنا، ومن الذي ساهم في إنتاج عادات استهلاكية على حساب المنتوج الإقتصادي الوطني خدمة للمنتوج الأجنبي، حتى صار لا يراع الذوق العام للمشاهدين ويهدد اقتصادنا، من المسؤول عن اتاحة الفرصة للمسلسلات الأجنبية المدبلجة أن تغزو اعلامنا العمومي وتهدد حضارة وقيم المغاربة وتماسكهم الأسري، أليس من حقنا التساؤل عن الأسباب الرئيسية وراء اقتحام هذا المنتوج “البايخ” لبيوتنا، وجعل من المشاهد العادي مجرد جثة مستسلمة لاتنتقذ ولا تفكر، تهضم كل ما تتلقاه وتصفق عليه.
ما الهدف من تمرير هذا الكم الهائل من المسلسلات المدبلجة التي أصبحت تجلب المشاهدين من مختلف الأعمار بدءا من الجدة والجد الوقور، والطفل الصغير، والمرأة المنقبة.
ما الذي يجري في كواليس هؤلاء الذين أبدعوا وهندسوا لهذا الخطر القادم الذي يشجع العري والفساد والولادة خارج مؤسسة الزواج المحصنة. أليس من حق كل غيور على بيته على فلذة كبده أن يقف ويسائل المسؤولين عن سر استهداف استقراره الأسري…
لماذا هذا الهرج والمرج”وتقرقيب الناب” الذي صاحب الدعوات إلى تكريس الدارجة العامية وجعلها تدرس بالمدارس المغربية، وتوظيفها بكثافة في وسائل الإعلام والإتصال والترفيه المختلفة، مستندين على مزاعم عدة منها تقريب الخبر من مختلف شرائح المواطن، في محاولة من هؤلاء لطمس الهوية المغربية ومحاربة لغة القرآن الكريم “لغة الضاد”، فبدل سعيهم وراء التحضر وتعلم لغات أجنبية، تجدهم يسابقون الزمن من أجل نشر سياسة الجهل والأمية والإنحلال الخلقي.
إن انتشار المسلسلات المدبلجة المنتشرة على قنواتنا العمومية الواحدة تلو الاخرى والتي تفتقر الى المهنية وتسعى الى تحقيق الربح المادي على حساب التكوين اللغوي والفكري، ما هي إلا وسيلة لسد ثغرات ضعف الإنتاج الوطني، في حين يرى البعض الآخر أنها أصبحت تلعب دورا حاسما في صناعة الرأي العام وتشكيل العقول واسقاط الايديولوجيات التي يستخدمها الشخص لاستكمال بناء الواقع الاجتماعي، والذي لايدركه بالخبرة المباشرة خاصة لدى الأطفال والمراهقين.
إن اختيار هؤلاء المطبلين لتمرير الخطاب “الدارجي” لم يأت اعتباطيا بقدر ما هو تمرير لما تروج له هذه المسلسلات من مفاهيم غربية عن الجنس والمال والدعارة والفساد وتشجيع الخيانة الزوجية، الهدف منها تكريس هذه الممارسات لدى المواطن المغربي وجعلها جزءا من منظومته الأخلاقية في حياته اليومية.
لماذا هذا الإصرار على ترجمة المسلسلات “البايخة” ولم تتم ترجمة الأعمال السينمائية والتلفزيونية المؤرخة لاعلام التاريخ والحضارة؟؟؟
بعض المطبلين والمزمرين من دعاة البهرجة، سيعتبرون الأمر تحررا وانفتاحا على ثقافات أخرى أجنبية، ونسوا هذه المسلسلات المصدرة من دول عدة مشرقية وامريكية لاتينية، ماهي إلا رياح عاثية تحمل معها ثقافات وقيم و”عجب” بعيدة كل البعد عن قيمنا وتقاليدنا، وبالتالي يكون تهديدها تهديدا مباشرا ودمارا شاملا يأتي على الأخضر واليابس.
وما وضعنا الاجتماعي والأسري الذي بات مهددا الآن، بفعل انتشار الجريمة الأخلاقية والانحلال الخلقي بشتى ألوانه وأطيافه، والدعارة والخيانة الزوجية والانتحار والاعتداء على الآباء والأمهات والزوجات، إلا نتيجة حتمية لهذه الآفة الإعلامية الخطيرة الفارغة من المضمون والمحتوى.
ففي غياب دراسات ميدانية لقياس هذه الظاهرة الخطيرة وتحديد ابعادها ومداها داخل مجتمعنا، يبقى التكهن بتأثيراتها السلبية على مختلف شرائح المجتمع قائما يتربص بقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا، ناهيك عن تأثيراته المباشرة على التوازنات الإقتصادية للمنتوج الإقتصادي المغربي.
محمد منفلوطي/هبة بريس
التعليقات
تعليق من فيس بوك